٢٠٠٧-٠٦-٢٠

سامحني


قابلته بالأمس كان غريبا يبدو عليه شحوب الوجه وانكسار الفؤاد، فمنذ فترة طويلة لم أتقابل معه ولم استمتع بالحديث إليه بسبب كثرة مشاغل الحياة، وفي شغف شديد بادرته بالسؤال عن أحواله وعن ما آل إليه في هذا الدنيا المتشاحنة بالضغوط، فكانت الإجابة مليئة بالغموض بالنسبة لي حيث لم أفهم منه أسباب ذالك التغيير الجذري في أحواله.

فما كان مني إلا أن بادرته بالحديث عن أحوال الماضي وذكرياته الجميلة المليئة بالمفارقات وبدأت بالضحك على تلك المواقف حتى أخرجه مما هو فيه، وأذكره بسالف العهد القديم، فكان تجاوبه معي علي غير المتوقع حيث ظل صامتا شارد الذهن حائرا.

ففضلت أن أصارحه بما أراه من تغيير عليه، وكانت إجابته أنه لا يدري أهو ذلك الشخص صاحب الجولات والصولات، التي طالما أمتعنا بها أم أنه تحول إلى شخص آخر غير الذي كان ؟

وهممت أن أسأله عن مشاعره المتجمدة بعض الشيء وعن تفاصيل حياته اليومية التي بالطبع أثرت عليه وجعلت منه شخص أخر، فكانت إجابته سابقة لسؤالي، حيث بادرني بأن ظروف عمله أثرت عليه في حياته الشخصية وغيرته من إنسان اجتماعي بدرجة امتياز إلى شيء آخر.

وعنفني صديقي علي عدم سؤالي عليه وتركه منذ فترة طويلة بدون متابعة أخباره، فكان ذلك الشيء أثر فيه بعض الشيء حيث طالما تعودنا علي متابعة كل منا أخبار الآخر ومشاركة أحزاننا قبل أفراحنا، فكان ردي عليه: رفقا بي فأنا ما زالت صديقك الوفي المخلص الذي بدونه أموت، وذلك لأن ببساطة شديدة الشخص الذي قابلته بالأمس كان "نفسي" التي لا أتذكر متى آخر مرة تحدثت إليها، وصارحتها بعيوبي وأخطائي، بسب مشاغلي وهمومي الشخصية والعملية التي أصبحت أغرق فيها حتى الثمالة، ولا أجد لها حلا جذريا ولكن يهديني الحال إلى حل موضعي لا يقتلع تلك المشكلة من جذورها.

فسامحيني يا "نفسي" علي ما فاتني من عدم مجالستك ومتابعة أخبارك التي هي في الأساس أخباري، هل تصدقيني أني أشعر الآن بالراحة لأني أتحدث معكي، يغمرني شعور غريب بالسعادة، ضحكاتي الآن تسبق ضحكاتك، أجباتي ترد على تساؤلاتك، أعاهدك علي الرجوع إلى سالف العصر ومتابعة كل أخبارك والسؤال عليك من الحين إلى الآخر
.

هناك ٥ تعليقات:

غير معرف يقول...

موضوع رائع يا كريم

ليت كل منا يلتفت إلي نفسه ويوليها الاهتمام والتشجيع المناسب
فكم منااستطاع بعد سقطة أو عثرة في طريق الحياة أن "يربت على نفسه " قائلاً لها بتشجيع: لا عليك يمكنني أن أنهض وأبدأ من جديد ؟

كم منا يتحاور مع نفسه برفق ويواجهها ويعاملها بموضوعية لتحقيق السلام المطلوب معها؟
إن التصالح مع النفس والانسجام معها هو أولي الخطوات الصحيحة علي طريق النجاح الطويل

سميرة

shereen sobhy يقول...

كريم موضوعك رائع واعتقد ان كل منا يحتاج ان يقول كلمة "سامحني" لعدد من الاشخاص كلهم مقريبن لنا ولكن دوامة الحياة تأخذنا منهم وربما من انفسنا ايضا

Unknown يقول...

موضوع هايل فعلا الانسان كتير بقيبعد عن نفسة وينشغل عنها عن همومها ومشاكلها
بننسى نفسنا فى زحمة حياتنا وننسى نصالحها
ياريت نفتكرها مرة واحدة

غير معرف يقول...

فعلا كلام رائع يمس كل شخص
فللأسف اصبحنا لا نلتفت لأنفسنا اطلاقا إلا عندما تصرخ فينا وتنطلق باكية وتقول اين انا في وسط كل الضغوط والهموم والمشاغل فعلا اصبحنا لا ننظر لانفسنا على الأطلاق، وعندما نلتفت إليها قليلا نبدأ في تأنيبها واضعين قائمة بالتذمرات والشكاوي منها ومما نقوله لها : لماذا انتي متخاذلة ؟ لماذا لا تعطين المزيد لماذا لا تسعين للافضل لماذا لا تساعديني لبذل المزيد وهكذا إلي أن يصيبها الاحباط وتفضل الانفصال عنا

لعلنا بعد هذا الكلام نترفق بها قليلاً

شماعة يقول...

سميرة
===

شكرا لكي على هذه الالتفاتة الجميلة منك.
ـــــــــــــــــــ

شرين صبحي
======

كلمة سامحني من أحلاها فهي لها مفعول السحر في حل المشاكل التي تواجهنناز
ـــــــــــــــــــــ

ايوة
===

اتمني لكي التفكير في نفسك جيدا وألا تنسيها.

ـــــــــــــــــــــ

مجهول
====
أرجو إلا يصيبك الأحباط أبدا